سجل الشهادة: ميلود بن عمار ( تحقيقات جريدة الشروق الجزائرية ) سبتمبر 2013
2013/09/1التهامي مسدورة على جبهة القتال
صورة: (الشروق)
أسقطنا طائرة إسرائيلية كانت تقصف منشآت بترولية في بور توفيق
توثّقُ
شهادة الجندي والمجاهد التهامي مسدورة المدعو يوسف المولود بتاريخ 20. 11.
1939 بسغوان ولاية المدية فصلا من فصول مشاركة الجنود الجزائريين في الحروب
التي خاضتها مصر ضد الكيان الصهيوني وأبلت خلالها وحدات القوات الجزائرية
بلاءً حسناً.. كما تُؤكد الشهادة كيف أنّ الكثير من المجاهدين الذين شاركوا
في حرب التحرير الجزائرية، لم يتأخّروا حين دعاهم واجب مواجهة العدو
الصهيوني بالرغم من أنهم خرجوا للتو من مواجهة طويلة مع الجيش الفرنسي الذي
دمّر وقتل وعاث في الجزائر فسادا.
يقول المجاهد
مسدورة عن مشاركته في حرب 1967 وحرب الاستنزاف: "التحقت بصفوف الثورة
مسبّلا سنة 1959وقد سُجّلتُ بالناحية الثالثة القسم الثالث الجزء الأول
بالمفاتحة بولاية المدية، وفي سنة 1960استُدعيتُ للتجنيد من طرف الجيش
الفرنسي، وبدل أن ألبي نداء سلطات الجيش الفرنسي التحقت بجيش التحرير
الوطني سنة 1960 ضمن فوج القائد بوزيان وأصله من لبْيض سيدي الشيخ ولاية
البيَّض، وقد بلغت يومها سن الـ18 من عمري. ويوم أُعلن عن الاستقلال عبر
أمواج الإذاعة أذكر جيدا أنني كنت بالكاف لخضر في شلالة العذاورة ضمن كتيبة
محمد بن يوسف وعبد القادر صباح. بعد الاستقلال التحقت بثكنة عين بوسيف ثم
الجغلالية، فبئر توتة ثم البليدة وبعد أزمة الولايات التحقت بالشلف وكنت
تحت قيادة مكرودي السعيد.
ويضيف مسدورة: شملت مسيرتي ضمن صفوف الجيش أيضا
عملي ببشار سنوات 1963 و1964 حين أمر الرئيس الراحل هواري بومدين بتوجهنا
إلى تلاغمة ثم بلعباس لمواجهة اعتداء المغرب على الجزائر، وكان قايد صالح
يشغل يومها قائد فيلق 120 برتبة ملازم أول، وكان قائدي في ذلك الوقت شريف
عبد المجيد، بعدها توجهنا إلى إحدى الثكنات بولاية الجلفة التي لم نمكث
فيها سوى حوالي سبعة أشهر ليتم استدعاؤنا مرة أخرى للتوجه إلى الشراقة، ولم
نكن نعرف سبب ذلك ولا إلى أين سنتوجه.
كنّا أول من
قصف اليهود الصهاينة في "بور توفيق" وقد تحصّن بعضُهم بأحد المساجد
واتّخذوا منه مكانا لإجلاء الجرحى وعرفنا ذلك بعدما أخبرنا أحد الجنود بأنه
رأى جنديا إسرائيليا يدخّن سيجارة في أعلى مئذنة المسجد.
وعند وصولنا إلى الشراڤة مكثنا أربعة أيام ونحن نقوم بعمليات شحن
أسلحة مختلفة على متن باخرة تسمى ابن خلدون وباخرتين أخريين مصريتين، بعدها
أذكر جيّدا تلك الكلمة التي ألقاها علينا الرئيس هواري بومدين التي أخبرنا
فيها أنّنا سنتوجّه إلى مصر للقتال في الجبهة الأمامية، وحثّنا على الصمود
لتحقيق إما النصر أو الشهادة، بعدها تمّ أخذنا إلى مطار بوفاريك العسكري
لنستقل الطائرات باتجاه بنغازي الليبية وقد رافقنا في هذه المهمة زرقيني
الذي شغل منصب وزير للبريد والمواصلات فيما بعد.
عند وصولنا إلى بنغازي بليبيا، وجدنا في استقبالنا الملك السنوسي،
وقمنا بتحيته بتقديم السلاح. حين وجودنا بليبيا علمنا أنّ هناك سفينة
إسرائيلية تسمى "ليبرتي" ترابض في البحر الأحمر، ما أرغمنا على البقاء حتى
مغادرتها.
وأذكر جيدا صور ركوبنا الطائرات الروسية باتجاه مطار القاهرة، حيث
كان في استقبالنا جماهير الشعب المصري والحقيقة كان استقبالا رائعا على
طول الطريق من مطار القاهرة إلى الكلية الحربية. عند وصولنا إلى الكلية
الحربية مكثنا بها يومين في راحة تامة ثم التحقت كل وحدة بمواقعها وتوجّهت
أنا رفقة وحدة المدفعية التي أنتمي إليها إلى "بور توفيق" بقناة السويس،
وهناك بدأت مهامنا بحفر الخنادق وكان ذلك ليلا، قضينا ثلاثة أيام أذكر أنه
زارنا خلالها المرحوم عيسى مسعودي الذي كان مسؤولا وكان صوتا إذاعيا
متميّزا، بعدها أذكر جيدا كيف كنّا أول من قصف اليهود في "بور توفيق" وقد
تحصّن بعضُهم بأحد المساجد واتّخذوا منه مكانا لإجلاء الجرحى وعرفنا ذلك
بعدما أخبرنا أحد الجنود بأنه رأى جنديا إسرائيليا يدخّن سيجارة في أعلى
مئذنة المسجد. كنا نحارب على مسافة قطرها حوالي 60 كلم أمام الكيلومتر 101.
ويواصل مسدورة شهادته قائلاً: بقينا على تلك الحال ثمانية أشهر
ليتم استخلافنا بالناحية الثانية بقيادة المرحوم عبد الرزاق بوحارة القيادي
السابق في حزب جبهة التحرير الوطني، بعدها عدنا عبر مطار السانية بوهران
حيث تم منحنا عطلة من 50 يوما، توجهت إثرها إلى رأس الماء بولاية سيدي
بلعباس وبقيت هناك حوالي سبعة أشهر ثم توجهنا إلى سيدي الهواري بعدها تم
إعفائي من صفوف الجيش بطلب مني سنة 1968 .
كنا نحارب على مسافة قطرها حوالي 60 كلم أمام الكيلومتر101.
ومن الذكريات التي بقيت عالقة بذهني من مشاركتي في حرب 1967 أننا
أمضينا شهر رمضان في جبهة القتال ولم نفطر يوما واحدا، بالرغم من الفتوى
التي صدرت للجنود بإباحة الإفطار، كما أذكر أننا أسقطنا طائرة من نوع
"ميراج" بالقرب من بور توفيق بقناة السويس بعد قيامها بتخريب منشآت بترولية
مصرية، وخلال مهمتي القتالية في حرب 1967 أُصبتُ بشظية مدفعية في جفن عيني
دخلت إثرها العيادة المتنقلة التابعة لكتيبة الهندسة وبقيت فيها ثلاثة
أيام.