التقته بالبليدة: حسنــــــاء. ب (تحقيقات جريدة الشروق اليومي الجزائرية ) سبتمبر2013
طاطاوي رشيد
صورة: (الشروق)
ألغـــامٌ مصرية قتلت 3 جنود جزائريين خطأ بالبحيرات المرّة
العقيد
المتقاعد طاطاوي موسى المدعو"رشيد" من مواليد 19 جانفي 1945 بالرويبة، فضل
الحياة المهنية بعد حصوله على البكالوريا، والتحق بمعهد للتكوين شبه الطبي
بالمدية سنة 1963، حيث تربَّص أربع سنوات كتقني سامٍ في الصحة، اختصاص
الأمراض المعدية في الأوساط العسكرية، ليقرر بعدها مباشرة الانخراط في صفوف
الجيش الوطني الشعبي ودرس بالأكاديمية العسكرية متعددة الأسلحة بشرشال،
وتخرّج فيها ملازما بعد 12 شهراً، تلقى بعدها تكوينات مختلفة في الصحة
العسكرية ووصل إلى رتبة شبه طبيب، ليوفد في مهمة خاصة إلى مصر دامت 10
أشهر، وعين مسؤولا صحيا بقيادة اللواء الجزائري المُشارك في حرب الاستنزاف
المتمركز بمنطقة أبو سلطان قمة فايد بمصر، وبعد عودته شغل عدة مناصب إلى أن
تقلد رتبة عقيد بالمؤسسة العسكرية.
استقبلنا العقيد
"طاطاوي رشيد" بمنزله بالبليدة وهو لايزال في فترة نقاهة بعد خضوعه لعملية
جراحية في القلب غير أنه شعر بالحماس وهو يقلِّب أوراقه ويطلع على أرشيف
صور تعود إلى 46 سنة لما كان ضابطا في بداية العشرينات وواحد من الأطباء
الجزائريين القلائل الذين توجهوا في مهمات خاصة إلى مصر لضمان التكفل الصحي
الجيد بأفراد الجيش الوطني الشعبي المشاركين في الحروب ضد إسرائيل.
وعلى غرار الجماهير الجزائرية، فإن الملازم طاطاوي رشيد وزملاءه
بالجيش الجزائري كانوا يتمتعون بالرغبة والاستعداد للتضحية من أجل دحر
العدو المشترك "إسرائيل" قال محدثنا، ليصدر أمر من القيادة العسكرية يقضي
بإيفاد هذا الأخير على متن الرحلة المتوجهة نحو مصر بتاريخ 5 سبتمبر1967،
أي بعد هزيمة 5 جوان 1967 بثلاثة أشهر، والالتحاق بمهامه كمسؤول طبي بقاعدة
اللواء الجزائري المتمركزة على طول قناة السويس، بقرية أبو سلطان الكائنة
بقمة فايد بالإسماعيلية، وكانت الانطلاقة على الساعة الخامسة صباحاً على
متن طائرة "أوتونوف" من مطار بوفاريك العسكري، والتي حطت الرحال بمطار
بنغازي بليبيا، لتستأنف الرحلة نحو القاهرة وكان الوصول بعد أربع ساعات.
قهوة"زينة".. نقطة التقاء المحاربين الجزائريين
من مطار القاهرة، توجه الملازم الطبيب "طاطاوي" الى "قهوة زينة"
نقطة التقاء الجزائريين بمصر، يقول محدثنا ان المقهى الكائن بناصية شارع
طلعت حرب وسط القاهرة كان يعج بالجزائريين، والى هناك حضرت سيارة "لاند
روفر" على متنها سائق مصري، وتنقل الطبيب إلى قرية أبو سلطان حيث يتمركز
اللواء الجزائري الذي يؤمِّن مساحة 12 على 10 كيلومتر، ويروي شاهدنا أن
دخوله القاعدة العسكرية تزامنت وتبادل إطلاق النار على بعد 800 متر، يقول
الملازم "فتوقعت أننا تحت القصف وارتبكت وشعرت بالهلع".. ومن مكان غير بعيد
تراءى له "خالد نزار" الذي كان برتبة نقيب آنذاك، وبدت عليه السكينة
بمكانه رغم صوت الرصاص المكثف وبابتسامة، هدّأ من روعه بالقول "ماتخافش يا
رشيد، بعيدة علينا".
أول حالة استعجالية..
في المعسكر يقول الطبيب طاطاوي، كانت الهياكل الصحية غاية في
التنظيم، فالجيش الجزائري أمَّن من الإمكانات والأدوية ما من شأنه ضمان
تغطية صحية شاملة لأفراده بجبهات القتال، حيث جهزت عيادة للإسعافات
الاستعجالية، وفي مؤخرة القاعدة العسكرية قاعة للاستشفاء، فضلا عن عيادة
كاملة بمُعدّاتها تحت الأرض. أما الطاقم الطبي فيتكون من مسؤول طبي وممرضين
على الأغلب في كل كتيبة.
كانت الهياكل الصحية
غاية في التنظيم، فالجيش الجزائري أمَّن من الإمكانات والأدوية ما من شأنه
ضمان تغطية صحية شاملة لأفراده بجبهات القتال، حيث جهزت عيادة للإسعافات
الاستعجالية، وفي مؤخرة القاعدة العسكرية قاعة للاستشفاء، فضلا عن عيادة
كاملة بمُعدّاتها تحت الأرض. أما الطاقم الطبي فيتكون من مسؤول طبي وممرضين
على الأغلب في كل كتيبة.
ولا يزال شاهدنا العائد من الحرب يتذكر أول حالة
استعجالية تلقاها، تزامنت ومباشرته مهامه بأول يوم له بالقاعدة، حيث استقبل
جنديا جزائريا أصيب بشظايا قنبلة إسرائيلية على مستوى البطن، فقدّم له
الطبيب طاطاوي الإسعافات الأولية اللازمة وتوجه رفقته على متن سيارة إسعاف
عسكرية مسافة 7 كم إلى قمة فايد من اجل إخضاعه للجراحة، ويروي "الملازم"
حادثة جمعته يومها وجراح مصري، فبينما كان الطبيب الجزائري متأثرا بحالة
الجندي، كان الطبيب المصري يهمّ بالإفطار وطلب من الملازم طاطاوي الانتظار
وباللهجة المصرية طلب أن يضيفه قائلاً "قهوة ولا شاي يافندم" والانتظار إلى
غاية حضور مساعديه فكان وقع هذه الكلمات عنيفا على الطبيب طاطاوي، وثارت
ثائرته وحز في نفسه مشهد المقاتل الجزائري المصاب، وهو يستغيث وينظر إليه
في رجاء "ياسي رشيد ياك مانموتش"، وكاد يدخل في عراك مع الجرَّاح المصري،
وقرر الدخول إلى جانبه وعمل مساعدا له أملا في تقديم العون لابن بلده
وإنقاذه، وتمت العملية الجراحية، غير أن الإصابات البليغة عجلت باستشهاد
الجندي في غضون ثلاثة أيام.
غارة على القاعدة الجزائرية بأبو سلطان
يذكر الملازم طاطاوي، غارة إسرائيلية استهدفت قاعدة الجنود
الجزائريين، بينما كان متوجها إلى القاهرة لشراء بعض الأدوية وبعد خروجه من
المعسكر على متن سيارة "لاند روفر" إذا بطائرات "سكاي هوك" إسرائيلية تقصف
موقع المقاتلين الجزائريين، فطلب من السائق "ادوارد" التوقف والتوغل وسط
الكثبان الرملية ولحظتها استوقفه رائدان مصريان كانا في انتظار وسيلة نقل
تقلها إلى القاهرة، فامتطيا معه السيارة، وبينما الغارة الإسرائيلية
مستمرة، قرر طاطاوي العودة في حين طلب الرائدان المصريان النزول وقالا له
بالحرف "نحن في إجازة والجيش المصري لا يقوم على رائدين اثنين" واعتبرا
رجوعه مجازفة وفي الطريق بدا له جنودٌ مصريون كانوا مختبئين في "كازمات"
أثناء الغارة، فتعالت أصواتهم محذرين وبلهجة مصرية "إنت رايح فين يافندم..
إنت مجنون؟"، وباعتباره الطبيب الوحيد فمهامه تفرض عليه المخاطرة يعقب
محدثنا، ولما دخل طاطاوي القاعدة خاطبه النقيب "خالد نزار" بابتسامته
المعهودة "رجعت يارشيد"، واستفسر الطبيب نزار عن الضحايا فنفى تسجيل أي
إصابة وسط المقاتلين الجزائريين، ويوضح محدثنا أن خنادق "تروبوتاي"
الجزائرية الصنع، وقفت درعا حصينا في وجه القنابل الإسرائيلية، في حين أذاع
العدو الإسرائيلي إشاعة أن اللواء الجزائري قضي عليه.
حالات جرب وسط الجنود
داء البلهارسيا الذي تعتبر مصر أكثر البلدان معاناة منه، كان أحد
الأمراض التي تهدد سلامة المقاتلين الجزائريين المتواجدين بقاعدة أبو
سلطان، ما جعل مخاوف الطاقم الطبي تزداد في حال استعمل الجنود المياه
"الملوثة" بوادي محاذي حيث تنتشر الطفيليات المسببة للمرض أمام كم جثث
البهائم الملقاة فيه، وفي ظل تأخر وصول صهاريج التموين بالماء فإن الوضع
كان ينذر بكارثة صحية وشيكة، ما جعل الطبيب والقيادة تحذِّر من خطر استعمال
تلك المياه التي قد تكون قاتلة، بموازاة عدم وجود مياه كافية تسبب في
تسجيل حالات جرب وسط الجنود.
ويذكر العقيد المتقاعد "سي رشيد" أنه أثناء إقامته بقاعدة اللواء
الجزائري، ظهرت أعراض بين المقاتلين تشبه إلى حد بعيد علامات داء التهاب
سحايا المخ "المينانجيت"، على غرار الحمى والغثيان، وبفعل الإمكانات
والعتاد الطبي الذي وفره الجيش الجزائري فإن كل حالة إصابة محتملة أو مشتبه
فيها خضعت لتحليل عاجل للسائل النخاعي وتبين أن تلك الحالات لا تعدو كونها
ضربات شمس في ظل ارتفاع درجات الحرارة التي لا تقل معدلاتها عن الــ40 درجة.
السجائر مقابل الدواء
في خضم شهادته لـ"الشروق" يروي الملازم الطبيب "طاطاوي" حادثة
جمعته وأحد الصيادلة المصريين، ففي الوقت الذي سُجلت حالات جرب وسط الجنود
الجزائريين، نفد دواء "بنزويت البنزيل" المضاد للداء المعدي فتوجه شاهدنا
إلى صيدلية بالقاهرة، رغبة في شرائه، فرده الصيدلي، متحججا أن الدواء غير
متوفر، حينها تفطن الطبيب الجزائري إلى حيلة وأخرج من جيبه "السجائر"
وتظاهر بالتدخين، باعتباره على علم أن السجائر في مصر حينها يصعب الحصول
عليها لغلاء ثمنها، أما الصيدلي فسال لعابُه وأثنى على نوع الدخان الذي بيد
الملازم، فما كان من هذا الأخير غير أن أخرج أربع علب من السجائر التي كان
يؤمِّنها الجيش الجزائري لأفراده كل شهر، وحصل مقابلها على 3 ليترات من
سائل "بزويت البنزويل" ليعالج الجنود المصابين.
عالجنا ضباطاً ومواطنين مصريين
يثني المسؤول الطبي"طاطاوي رشيد" في حديثه على الرعاية الصحية
التي أحيط بها الجنود الجزائريون، إبان مواكبته لحرب الاستنزاف، حيث أولى
الجيش عناية خاصة بصحة مقاتليه وعكف على إمداد اللواء الجزائري بجميع
اللقاحات والأدوية بأنواعها الحساسة، على غرار المضادات الحيوية
والمعقمات.. ما مكنه من علاج كل الحالات الحرجة، فالطاقم الطبي الجزائري
نجح في إنقاذ ضابط مصري بعدما استعصت حالته على أطباء الجيش المصري، لما
أصيب بالتهاب جريبي متعدد أو ما يعرف بـ"الدمامل" على مستوى الرقبة، حيث
خضع لعناية طبية مكثفة بمستشفة قاعدة اللواء الجزائري وخرج معافى بعد 10
أيام، هذا ويذكر الطبيب الملازم علاجه لعدد من فئات الشعب المصري المقيمين
بقرية أبو سلطان لانعدام أدنى خدمات التطبيب، ويذكر شاهدنا اقتسام
المقاتلين الجزائريين وجباتهم والمواطنين المصريين البسطاء الذين نهشهم
الفقر ما خلق علاقات متينة وجعلهم يكنُّون مشاعر خاصة لأفراد الجيش
الجزائري الذي ساندهم في محنتهم.
جزائريون استشهدوا في انفجار ألغام مصرية
باعتباره
الطبيب الوحيد فمهامه تفرض عليه المخاطرة يعقب محدثنا، ولما دخل طاطاوي
القاعدة خاطبه النقيب "خالد نزار" بابتسامته المعهودة "رجعت يارشيد"،
واستفسر الطبيب نزار عن الضحايا فنفى تسجيل أي إصابة وسط المقاتلين
الجزائريين، ويوضح محدثنا أن خنادق "تروبوتاي" الجزائرية الصنع، وقفت درعا
حصينا في وجه القنابل الإسرائيلية، في حين أذاع العدو الإسرائيلي إشاعة أن
اللواء الجزائري قضي عليه.
4سنة مرت ولا يزال الطبيب العائد من حرب الاستنزاف
يتذكر مجزرة البحيرات المرة، والمشاهد المروعة لأشلاء ثلاثة جنود جزائريين
في العشرينات من العمر، راحوا ضحية انفجار ألغام بحرية مزروعة على طول
شواطئ البحيرات المرة، حيث أخطأت هدفها وأصابت المقاتلين الجزائريين الذين
توجهوا نحو الشواطئ للاستحمام من فرط ارتفاع درجة الحرارة ودون علم منهم أن
المكان غير آمن وحقل ألغام، ويقول الملازم أن تلك المياه عجّلت ملوحتها
الشديدة في انفجار تلك الألغام، ويروي محدثنا تفاصيل الواقعة فبينما كان
بمركز القيادة يزاول مهامه سمع دوي انفجار شديد، فتوجه نحو مسؤوله "خالد
نزار" والذي من هول الانفجار أجابه "ماراهيش تع خير يا رشيد" وبعد التوجُّه
إلى مكان الواقعة، عثروا على أشلاء محاربين جزائريين تناثرت وهي الصورة
المأساوية التي بدا شاهدنا شديد التأثر وهو يروي تفاصيلها.
أبواق زرع الفتنة.. واليهود "خوافين"
من بين أساليب اليهود المفضوحة في حرب الاستنزاف، يقول محدثنا،
أنهم حاولوا زرع الفتن بين الجزائريين والمصريين، غير أن الجيش الجزائري
صفع أبواق الفتنة بل واستمات في الدفاع عن الأراضي المصرية وازداد تضامنه
لشعوره أن المصيبة عامة رغم أن الضريبة لم تكن سهلة أو رخيصة وإنما غالية
جدا، وأورد أن مكبرات الصوت كانت تتعالى يوميا من قاعدة تمركز اليهود
بالضفة الأخرى، تارة محرضة وتارة أخرى شاتمة، محاولة استفزاز المقاتلين
الجزائريين والقول أنهم يدافعون عن أرض ليست بأرضهم، غير إن الولاء للأمة
العربية يؤكد شاهدنا كان اكبر وكان ردهم "النصر أو الاستشهاد"، وفي خضم
شهادته وصف الملازم اليهود بـ"الخوافين" والجبناء بدليل أنهم أثناء تبادل
إطلاق النار لم يشهروا أسلحتهم في وجه المقاتلين الجزائريين وإنما كانوا
يختبئون وراء سفن نقل البضائع الموجودة بعرض قناة السويس، ما جعل اللواء
الجزائري يوجه تحذيرات شديدة اللهجة لتلك السفن أمام ضربات محتملة قد
تتلقاها. ويذكر الطبيب طاطاوي تعرض القوات الإسرائيلية لقصف عنيف من
المدفعية الجزائرية التي كان يشرف عليها النقيب"بوستة" ما جعلها تتراجع
وتعالت السنة اللهب والمدفعية الجزائرية أرعبت اليهود وزلزلت صفوفهم على حد
تعبيره.
طبيب مصري يرغب في العودة إلى الجزائر ولو في "شنطة"
من الحقائق التي لا يمكن إنكارها أن أفراد الجيش الجزائري سجلوا
من البطولات والملاحم بالأراضي المصرية إلى درجة شاع عنهم أن الجزائريين لا
يخشون الموت، ما جعل طبيبا مصريا يرفض الالتحاق بقاعدة اللواء الجزائري،
ويذكر طاوطاوي قصة الضابط الطبيب المصري "محمد محمود"، والذي بمجرد إنهاء
دراسته بالكلية الحربية المصرية صدر أمر بتعينه بقاعدة الجيش الجزائري بأبو
سلطان، غير انه لم يستجب وصدر قرار تعيين ثاني وثالث واعتبر في حالة عصيان
ما جعله يلتحق بالجزائريين على مضض وكراهة، خاصة وأن الجنرال المصري لما
أمضى قرار تحويله وبمجرد اطلاعه على مكان المهمة لم يتردد في القول"يالطيف
..الجزائريون لايخشون الموت" العبارة التي زادته توجسا وجعلته في حالة ذعر،
وتوالت الأيام وانسجم الضابط المصري بين المقاتلين إلى درجة صار جزائريا،
يرتدي لباسهم العسكري ويتكلم لهجتهم ويأكل طعامهم بل وحمل حتى طباعهم وصار
يتنرفز وكأنه جزائري النشأة، واكتشف أن سلوكات الجزائريين قادة وجنودا،
تلقائية وغير مصطنعة أو مبالغ فيها وإنما صقلتها المصائب ومحصتها
الابتلاءات، الطبيب محمود المصري لم يتردد في إبداء رغبته في العودة إلى
الجزائر رفقة زميله "طاطاوي رشيد" لما انتهت مهامه ولو محمولا في شنطة
وباللهجة المصرية عبر عن استعداده "خذني معاك للجزائر ولو في شنطة".
التليفزيون الجزائري في زيارة خاصة لقمة فايد
من خلال مهمته التي امتدت 10 أشهر إلى الأراضي المصرية، يذكر
المسؤول الطبي طاطاوي زيارة فرقة من التلفزيون الجزائري لتغطية مجريات حرب
الاستنزاف ومشاركة الجيش الجزائري، وكان موفد التلفزيون إلى قاعدة أبو
سلطان بقمة فايد الصحفي "بن جدُّو"، ومن خلال تقديم التقرير على شاشة
التلفزيون الجزائري، تم عرض صور للملازم الطبيب وتعرّف عليه أفراد عائلته
وانكشف أمره خصوصا وانه أخفى على والديه مشاركته في الحرب وانه متوجهٌ إلى
مصر من اجل الدراسة. وأضاف محدثنا انه وزملاءه تمكنوا خلال إقامتهم بقاعدة
اللواء الجزائري من التقاط أمواج الإذاعة الجزائرية ليلا وكثيرا ما
انتابتهم لحظات حنين إلى الوطن وهم داخل "كازماتهم".
الطبيب سلاوي عمار استشهد في غارة إسرائيلية
ست وأربعون سنة انقضت على الحرب، غير أنها حفرت في قلب "الكولونيل
المتقاعد "طاطاوي رشيد "مواجع لاتندمل، حيث فقد احد زملائه المقربين والذي
زاول معه تكوينه العسكري بالمدرسة متعددة الأسلحة بشرشال وهو الطبيب"
سلاوي عمار" الذي خلفه بعيادة أبو سلطان بعدما انتهت مهمته ويقول أن خبر
استشهاده آلمه كثيرا حيث قُتل في قصف إسرائيلي بعد خمسة أشهر من استلامه
مهام المسؤول الطبي بقاعدة اللواء الجزائري. وعن عودته إلى الجزائر فإنها
كانت بتاريخ الفاتح من سبتمبر، أين استقل طائرة من مطار القاهرة نزولا
ببنغازي بليبيا ثم نحو مطار وهران، حيث خضع وأزيد من 200 محارب عادوا من
الحرب لفحص طبي شامل بمستشفى وهران العسكري.