العالم تبدّل بسرعة
غيّر العلم مسار البشر وعوالمهم، بل بدّلها جذريّاً في ربع قرن، بكثافة
غير معهودة تاريخياً. بدّل الاستنساخ ظاهرة التوالد والتكاثر الراسخة منذ
حقب مليونيّة، ففصلها عن الجنس كما ساوى بين الأنواع المتطوّرة من
الحيوانات اللبونة (ينتمي إليها البشر أيضاً) من جهة، البكتيريا
والميكروبات من الجهة الأخرى.
ارتحلت آلات فضائية لتحمل كائنات زوّدها البشر بذكاء اصطناعي (هي
روبوتات)، لتحطّ على المريخ: أول كوكب سيّار تبلغه حضارة الإنسان. ساهمت يد
لبنانية عربية في هذا الإنجاز، إذ قاد العالِم الأميركي - اللبناني تشارلز
العشي عملية الهبوط على المريخ. واستطاعت مركبة فضاء الخروج من هيمنة
الشمس وقواها كافة.
بعد مئات ملايين السنوات من خضوع الكوكب الأزرق للشمس، استطاعت مخلوقات
تعيش على هذا الكوكب صُنعَ المركبة «فوياجر» التي غادرت النظام الشمسي،
ليصل البشر إلى حيث تدور النجوم كونيّاً.
الإنترنت علامة بعد مليون سنة
«بعد مليون سنة، ربما لا يذكر القرن العشرين إلا باكتشاف الإنترنت»، وفق
تعبير رائج في أوساط المعلوماتية والاتصالات المتطوّرة. الأرجح أن لا شيء
غيّر العالم المعاصر وبدّل أحواله أكثر من المعلوماتية والاتصالات. بعد أن
كان مشروعاً علميّاً وعسكريّاً سريّاً، صار الكومبيوتر في المنازل والمدارس
وأمكنة العمل، بل حلّ في الأيدي وانتقل إلى المعصم بوصفه ساعة لليد أيضاً.
وربطت شبكة الانترنت البشر في كل مكان، وعلى مدار كل لحظة في الزمان.
منذ بداية الحضارة، لا شيء يوازي كثافة الاتصالات بين البشر وقوّتها
حاضراً. منذ متى توصف أحداث السياسية بكلمات تقنيّة كالقول بـ «ثورات
فايسبوك» في العالم العربي؟ وكذلك انكشفت دولة عظمى ووثائقها السياسيّة
الحساسة في فضيحة «ويكيليكس»، فانكشف أمام أعين العالم كيف يتحدث سياسيّو
أميركا في ما بينهم عن شؤون دولهم ورؤسائهم ومجتمعاتهم، بل كيف يفكّرون بها
وبمتغيّراتها. التقطت الشبكات الاجتماعية وثائق «ويكيليكس» المُسرّبة عبر
ناشط سياسي - تقني اسمه جوليان أسانج. تفاعل الأمر مع متغيّرات كثيرة،
فتفجّرت ثورات في شوارع كثيرة، أبرزها في دول العرب.
وعلى غراره، سرّب خبير المعلوماتيّة الأميركي إدوارد سنودن، وثائق
«وكالة الأمن القومي»، فانكشف وجه أميركي قبيح يتنصّت على الحليف والصديق
قبل المنافس والعدو، بل أنه «أخ أكبر» متسلّط، يسخّر الانترنت جاسوساً على
العالم بأسره. وللحديث بقيّة.