يستهينون بالصلاة التي هي عماد الدين، ويتفاءلون أن خالقهم "راض عنهم" لأنهم لم "يحرقوا المساجد أو يقتلوا الأرواح؟" على حدّ تعبيرهم، هم جزائريون كُثر لا يعرفون من أركان الإسلام غير الصوم، أما الصلاة فهي الغائب الأكبر داخل كثير من البيوت، والخطير أن عجائز وشيوخاً لم يتبقّ لهم من العمر إلا قليل، من تاركي الصلاة.
كثيرٌ من الجزائريين شباب وكهول وشيوخ، نساء ورجال، من تاركي الصلاة، والأمر بالنسبة لهم عادي جدا، ماداموا يُطبّقون بقية أركان الإسلام. والغريب أن بعض العائلات، أبناؤها من المصلين أما الآباء فمن تاركيها، ومهما حاول أبناؤهم توعيتهم بخطورة سلوكهم فإنهم لا يأبهون، ويردّدون العبارة الشهيرة "ما قْتلت.. ما حْرقت جْوامع".
وكثير هم الآباء الذين يتفرجون يوميا على انحراف أبنائهم وبناتهم، وابتعادهم عن إقامة الصلاة، ومع ذلك لا يسدون لهم النصح والإرشاد، ونساء مصليات لا يملكن الشجاعة لحث أزواجهن على الصلاة، وزوجات شابات لا تؤدينها. وأغرب تبرير سمعته من عروس حديثة الزواج عن سبب امتناعها عن الصلاة قالت "أعشق طلاء الأظافر، ولا أستطيع نزعه من أظافري مهما حصل" وبما أن طلاء الأظافر يُبطل الوضوء قررتْ مُحدثتنا ترك الصلاة.
وتعتبر النساء من أكبر المتهاونين في إقامة الصلاة، فتجدهن في المنزل يحافظن عليها ولو في غير مواعيدها، لكن بمجرد خروجهن إلى عرس أو زيارة أقارب ينسينها تماما، حتى و لو استغرقت مدة إقامتهن خارج المنزل أكثر من أسبوع، وعند عودتهن يجمعن الصلوات التي فاتتهن، أما أخريات فيكملن حياتهن دون الالتفات لما فاتهن من صلوات، وآخرون تجدهم يصلون صيفا ويهجرونها شتاءً، أو يصلون في رمضان فقط ويتركونها في بقية أشهر السنة...
وبسؤالي بعض المواطنين عن الموضوع، صادفت شيخا في السبعين من عمره، صدمتني أفكاره الخطيرة؛ فالشيخ يقطن بولاية بومرداس، جاء إلى العاصمة في زيارة لأقاربه، أخبرني أن زوجته وابنته من المصليات ما عداه هو، رغم أدائه مناسك الحج مرتين مُرافقاً زوجته، وعندما سألته إن كان على علم بعقوبة تارك الصلاة؟ أفزعني ردّه إذ قال "لا أؤمن أصلا بوجود عذاب القبر ويوم القيامة، وأشكك في حقيقة وجود الرسل؟" وردد الشيخ كلاما خطيرا جدا عن خير البشرية محمد عليه أفضل صلاة وأزكى تسليم، بل وحاول إقناعي بصحة أفكاره، واصفا إياي وبقية المسلمين بـ"العروبية"، الذين لا يرون من الحياة إلا عذاب القبر وتعدد الزوجات، ودافع عن أفكار الغرب ونظرتهم للحياة، ومن شدة خطورة كلامه واستهزائه بالإسلام، خِفت أن "يسخطني الله وإيّاه في المكان"، ولسنا ندري كيف حجّ إلى بيت الله مرتين؟ علماً أنه أمضى سنوات شبابه بألمانيا وكان يملك عقارات هناك، ثم باعها وعاد للاستقرار في الجزائر، متشبّعا بالإلحاد وأفكار الغرب.
أما (حياة)، وهي صحفية، فأخبرتني أن جدّها رحمة الله عليه مات دون أن يؤدي في حياته الصلاة، وقد استمات أولادُه في إقناعه بها، لكن دون جدوى، إذ كان يجيبهم كل مرة "ما تدخلوش معايا للقبر" وأخبرتنا أنه أصلاً كان يشكك في وجود عذاب القبر واليوم الآخر.
الفقهاء ينصحون العصاة
"تاركو الصلاة مساكين" بهذه العبارة استهل (كمال بعزيز)، أمام مسجد بالكاليتوس بالعاصمة، حديثه عن تاركي الصلاة.
يقول محدثنا "كيف لإنسان ترك أهمّ ركن في الإسلام، فأجر الصلوات الخمس تساوي عند الله أجر 50 صلاة كاملة والحسنة بعشر أمثالها.. والمتكاسلون عنها توعّدهم المولى عز و جل (بالويل) وهو عذاب بجهنم "فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون"... والكسل عنها من صفات المنافقين فكيف بتاركيها؟".
وتارك الصلاة يضع بينه وبين نعم خالقه عز وجل سدّا منيعا، فيضيِّع رزقه، وتحل عليه النوائب والمصائب في أهله، وبنيه، وعمله، وصحته، وتغادر البركة بيته، وله عذاب شديد في الآخرة".
ويضيف "..الصلاة هي الركن الوحيد الذي لم يعطِ فيه الله رخصة، فهي مفروضة على المريض، والشيخ، السجين المربوط، المعاق.. ومن هو على فراش الموت فيصلي ولو بالإشارة.. وتارك الصلاة يفقد احترام المحيطين به، فلا يستشيرونه في أمورهم، ولا يحكّمونه في مشاكلهم، ولا يصاهرونه".