اللواء أركان حرب عبد الحميد عمران، هو أحد أبطال حرب السادس من أكتوبر والخبير الأمني والاستراتيجي، يروي شهادته لـ"الشروق" حول مشاركة الجزائر في حرب 73 ومن قبلها في 67 قائلاً: إن موقف الجزائر كان نموذجاً حقيقياً للوحدة العربية، وقتما كان العرب عربا وليس فرقاء، وأن الوحدات التي أرسلها الجيش الجزائري أفادت ميدان القتال بشكل كبير.
بمناسبة ذكرى مرور أربعين عاماً على نصر السادس من أكتوبر، والذي كان للجيش الجزائري دورٌ فيه، كيف كان حجم هذه الدور وطبيعة العمليات التى قام بها؟
في الحقيقة التعاون الجزائري المصري بدأ قبل حرب السادس من أكتوبر 1973؛ ففي حرب 67 كانت الجزائر مساهِمة مع القوة المصرية على الجبهة بلواء مشاة مدرع، ورغم حدوث اختلاف وإنسحاب أفراد الجيش الجزائري في ذلك الوقت، إلا أنهم تركوا للجيش المصري المعدّات والتي ظلت موجودة في ميدان الحرب حتى السادس من أكتوبر 73، والفريق سعد الدين الشاذلي في زيارته للجزائر لم يكن يعلم أن المعدّات العسكرية للجيش الجزائري موجودة في مصر، فطالما أفهموه أنه كان انسحاباً بالمعدات وليس بالأفراد فقط، فلما علم وجّه شكره للجزائر وأرسل لهم خطاب شكر على موقفهم البطولي في حرب 67.
كيف كانت طبيعة المهام التي قامت بها الوحدات الجزائرية في حرب67؟
ربما لا أذكر الكثير لأن طبيعة عملي في هذا الوقت كانت في مكان بعيد عنهم، ولكن أذكر أنه كان في إحدى القواعد الجوية أرسلت الجزائر عدداً من الطائرات الحربية ومنها طائرات "ميغ" للمشاركة في هذه الحرب، ولكن ما أذكره حتى الآن، أنه في إحدى القواعد الجوية حينما كنت أمرّ عليها وجدت طيارا جزائريا يضع كرسيا أسفل طائرة الميغ التي كانت مهامه عليها، كان كرسيّه أمام سلم الطائرة في ظل حرارة الشمس الشديدة ينتظر أي لحظة للأمر بالإنطلاق، فهذه كنت أراها درجة عالية من الهمة والاستعداد والتأهب للجهاد ضد العدو الصيهوني في أي لحظة ومستوى راقياً من الإخلاص في الحرب.
في حرب السادس من أكتوبر استأنف التعاون العسكري بين مصر والجزائر، وطلبت مصر من الجزائر بعض المعدّات العسكرية، فأرسل الرئيس الراحل هواري لواء مدرعا جزائريا كاملا كان يحتوى على سرب طائرات ميغ 17 وسرب طائرات ميغ 21 وسرب طائرات سوخوي 7، كذلك لواء مدرع جزائري والذي يحتوى على 3 فيالق دابات وفيلق مشاة ميكانيكية وفوج مدفعية ميدان وفوج مدفعية مضادة للطيران و7 كتائب للإسناد، وكان يتضمن أكثر من 2000 جندي وأكثر من 1000 ضابط، كذلك 96 دبابة و32 آلية مجنزرة و12 مدفع ميدان و16 مدفعا مضادا، وصلت جميعُها وقت الحرب.
وكانت وقفة الجزائر مع مصر والقوات المسلحة المصرية موقفا عربيا مشرفا، والحقيقة هذا شعور جميل حينما تقاتل وتجد بجوارك مقاتلاً معك من دولة عربية شقيقة يشاركك الحرب على عدوك وعدو العرب جميعاً.
هل كان الدعم الجزائري دعماً عسكرياً فقط؟
بالطبع لا، فكان هناك دعمٌ مادي قدمه الرئيس الراحل هواري بومدين، فأنا أعلم أنه كان قد ذهب إلى الإتحاد السوفيتي ووضع رقما كبيرا من ملايين الدولارات آنذاك والتي تساوي في هذه الآيام المليارات، وضعها جميعاً تحت متطلبات مصر ومثلها لمتطلبات سوريا.
بالطبع، وقتما كان العرب عرباً، وقتما كانت الأمة العربية أمة واحدة والعدو عدوا واحدا، لكن الآن يد إسرائيل العميقة تمزق وتفرق بين العرب بمنتهى السهولة للأسف.
باعتبارك رجلا عسكريا وخبيرا إستراتيجيا أيضاً، كيف ترى هذه المشاركة من الجيش الجزائري تجاه مصر آنذاك؟
بالطبع هي وقفة قوة عربية مخلصة مساندة للعرب ومعادية لخصومهم، وأفادت ميدان القتال وكذلك الروح المعنوية للجيش المصري عموما، عندما تجد بجوارك مقاتلا سوريا ومقاتلا جزائريا فتشعر بالوحدة العربية تجاه العدو الصهيوني.
والشيء بالشيء يذكر، كذلك الإخوة بين البلدين والجيشين، الدعم الذي قدمه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر للثوار الجزائريين وقت الثورة الجزائرية، وبالتالي ليس هناك فارقٌ من يقف بجانب من، لأن الأهداف واحدة والعدو واحد والمصلحة واحدة، لطالما كانت الأمة العربية تتصرف من منطلق أنها كالجسد الواحد لا يفرقه أحد ولا يستطيع أن يعيش أحد أعضائه دون أن يتألم لعضو آخر.