الجندي السابق زيدان عناب والمعروف بالحاج عمار، ينحدر من مدينة سوق نعمان بولاية أم البواقي، هو ابن الشهيد عناب عيسى وواحد ممن كان لهم شرف خوض حرب الرمال ضد الجيش المغربي الذي انتهك حرمة التراب الوطني، ثم قتال اليهود الإسرائيليين في فترة استمرت عشرة أشهر كاملة حيث كانت له عديد الشهادات التي يرويها في لقاء له بـ"الشروق اليومي".
من حرب الرمال الى حرب الشرق الاوسط
ابتدأ الحاج عمار حديثه بمرحلة الثورة التحريرية التي يتذكر فيها كيف تم أسره لعدة مرات رغم صغر سنه حينها وهروبه المتوالي، وهذا لأنه كان دائم الاتصال بوالده المجاهد والشهيد بعد ذلك في صفوف جيش التحرير الوطني، ولم تنته هذه المطاردات له إلا غداة الاستقلال حيث كان أول الملتحقين بصفوف الجيش الشعبي الوطني والذي لم تمرّ إلا فترة قصيرة من وجوده في صفوفه حتى وجد نفسه في ما عرف بعد ذلك بحرب الرمال في مواجهة غدر نظام المخزن المغربي آنذاك، والتي يذكر لنا فيها كيف ظل مرابطا رفقة فريقه العسكري في منطقة سيدي بوبكر وبالضبط في جبل العصفور بولاية تلمسان والتي يؤكد من خلالها انه وزملائه ورغم التجهيز البسيط وقلة الخبرة التي كانت لديهم لم يمنعهم ذلك من الوقوف سدا منيعا حاميا حدود الجزائر الدولة الفتية آنذاك حتى وإن كان غذاؤهم مقتصرا على ثمار البلوط لفترة استمرت ستة اشهر كاملة.
تمنِّينا الشهادة مع رفاقنا
بعد أن وضعت حرب الرمال أوزارها وهدأت الأمور تم نقل الفيلق الذي يضم الجندي زيدان عناب بين عديد المناطق عبر التراب الوطني ولتكون سيدي بلعباس واحدة منها والتي فيها كانت تصلهم أخبار من سبقوهم لميدان الحرب العربية الإسرائيلية في الشرق الأوسط والتي يؤكد فيها بأنه وزملاءه كانوا يتمنون اللحاق بهم والشهادة معهم، ولتشاء الأقدار أن يكون الجندي زيدان واحدا ممن تم استدعاؤهم ليكون في الدفعة الثانية المتوجهة إلى إحدى جبهات القتال الشرق أوسطية في الأراضي المصرية لمواجهة العدو الإسرائيلي، فبعدما تم نقلهم جوا من مطار طفراوي بوهران إلى مطار بنغازي تم التوجه بهم بعد ذلك الى مطار عسكري مصري بالقاهرة ولتكون منطقة فايد المصرية الساحلية والمواجهة مباشرة للعدو الإسرائيلي نقطة وصولهم والتي اتخذ فيها الفيلق الجزائري الذي كان فردا فيه تحت قيادة الملازم المرحوم مسعود بودماغ وقايد صالح قائد الأركان الحالي إستراتيجية حربية جعلت الفيلق يعود كامل العدد وسالما غانما دون أية خسائر تذكر رغم وجودهم في جبهة القتال المباشرة مع العدو، ومما يسجله الجندي السابق هو الغياب الكلي لأي مصري لاستقبالهم عدا ممثلين عن الدولة الجزائرية لدى مصر، وقد كانت مراقبة الأجواء المصرية والضربات المدفعية المباشرة هي المهمة الموكلة إليهم والتي مكنتهم من منع التحركات والغارات الجوية للجيش الصهيوني بشكل ظاهر للعيان، كما تم قصف ثكنة عسكرية إسرائيلية مباشرة وتدمير عدد من تجهيزات الجيش الاسرائيلي كالرادار عالي التقنية الخاص بهم وتخريب خزان للمياه لديهم.
لم ولن انسى عندما قصفََََََنا المصريون من الخلف
من الامور السلبية التي يذكرها الجندي السابق عمار عناب هي تلك المعركة التي كانوا فيها بصدد شن قصف مدفعي مركز على العدو الصهيوني، إذ بهم يفاجؤون بقصف يأتيهم من الخلف خطأ من القوات المصرية. كما أن طبيبا مصريا تكفل بحالته الصحية حين كان مريضا فعمد إلى إعطائه مسكنات بدل أدوية تريحه وأطالت معاناته والتي جعلت طبيبا جزائريا يتدخل وينهي معاناة الجندي بإعطائه الدواء اللازم ويتم طرد الطبيب المصري بعد ذلك من بين صفوف الجيش الجزائري.
الإسرائليون كانوا يتفادون مواجهتنا
وفي سياق حديثه ذكر الجندي السابق الحاج عمار عناب بان الاسرائليين عمدوا إلى مخاطبتهم بلغة عربية واضحة ومباشرة عبر عديد الوسائل الإذاعية والميدانية حيث عمدوا إلى إخبارهم بان دخولهم هذه الحرب ليس من صالحهم لان من يحاربون معهم من المصريين اليوم سيتحولون إلى أصدقاء للإسرائيليين والجزائريون هم من سيكون عدوهم في المستقبل.
في ختام حديثه قال الجندي السابق زيدان عناب المعروف بالحاج عمار بانه عاد ارض الوطن بعد عشرة أشهر كاملة قضاها ورفاقه مرابطين في جبهة القتال لرفع راية العرب والدفاع عن كرامة الأرض المسلوبة ظلما وعدوانا، وليكون مصيره كغيره من مقاتلي الشرق الأوسط الجزائريين والتي يضاف إليها كونه ابن شهيد وكذا ما أداه من واجب خلال حرب الرمال التي سبقت الحرب سالفة الذكر، فهو رغم ذلك لم يتم تذكرهم كما قال ولو بشهادة تكرمهم وتثمن ما قدموه فداءً للوطن ولكل العرب.