الرقيب الأول عبد الله بوعبسة:الجيش الجزائري أغلق طريق القاهرة أمام الإسرائيليينسجل شهادته: العربي بن زيدان (من تحقيقات الشروق اليومي الجزائرية)20132013/10/08 عبد الله بوعبسة صورة: (الشروق)
في هذه الشهادة، يعود الرقيب الأول ضمن فصيلة المدفعية، عبد الله بوعبسة، 68 عاماً، بذاكرته إلى حربي الاستنزاف و6 أكتوبر 1973 اللتين شارك فيهما، ويؤكد أن الجيش الجزائري لعب دورا كبيرا فيهما بشجاعته وبسالته وحماس جنوده للقتال والتضحية دفاعاً عن القضايا العربية العادلة.
أوضح بوعبسة في خضم سرد شهادته بشأن مشاركته في حرب الاستنزاف سنة 1969، أن مشاركته ضمن فيلق المدرعات لقوات الجيش الجزائري بقيادة سكران احمد، تزامنت مع حدثين بارزين، الاول إقليمي والثاني دولي في شهر سبتمبر 1969 حيث تزامنت رحلة فيلق المدرعات انطلاقا من وهران مع تواجد الأسطول السادس الأمريكي في عرض السواحل الاقليمية الجزائرية وتحديدا بالقرب من سواحل مدينة شرشال الأمر الذي دفع بالسلطات الجزائرية آنذاك ممثلة في الرئيس الراحل هواري بومدين إلى إلغاء الرحلة بحرا انطلاقا من مرسى الكبير بوهران، حيث مكث الفيلق حوالي 15 يوما قبل أن يتم اتخاذ قرار السفر جوا من مطار وهران الى غاية مطار طرابلس في ليبيا حيث تزامن وصولنا الأراضي الليبية مع أحداث الإطاحة بالملك إدريس السنوسي من طرف العقيد معمر القذافي الذي تولى مقاليد الحكم بعد ثورة الفاتح سبتمبر 1969. في هذه الأثناء كان لحضور الفيلق الجزائري دورٌ في إحكام قبضته على مطار طرابلس بهدف منع أي حركة مضادة تستهدف التشويش على الانقلاب، خصوصاً وأن القواعد العسكرية الأجنبية كانت لا تزال رابضة بليبيا.
وبعد المهمة الناجحة فوق التراب الليبي وصل الفيلق الجزائري إلى الأراضي المصرية يوم 3 سبتمبر 1969 حيث تمركزت المدرعات الجزائرية على مستوى 12 نقطة وكان أخطرها أحد أهم المعابر على مستوى قناة السويس والذي يعتبر أخطر حقل لزرع الالغام في مصر ويقع بقرية ابو سلطان. تدخل اللواء الثامن الجزائري الذي كان يضم 14 وحدة ونحو 6 آلاف محارب تحت قيادة عبد المالك قنايزية في شهر نوفمبر 1973 ، كان بمثابة طوق نجاة بالنسبة للمصريين والعرب على حد سواء، جنبهم سقوط المزيد من الأراضي تحت قبضة الجيش الإسرائيلي بعدما تولى اللواء الثامن مهمة غلق الفجوة الممتدة على مسافة 100 كلم والتي تربط قناة السويس بالقاهرة غربا حيث شكلت هذه الفجوة نقطة ارتكاز بالنسبة للطيران الحربي الإسرائيلي لبسط سيطرته على القاهرة بعدما ضعُفت القدرات القتالية للجيش الأول والثاني المصري . ويتذكر الرقيب الأول عبسة، أن فترة تواجدهم بتلك المناطق تميزت بسلسلة من الغارات الجوية للطيران الحربي الاسرائيلي كان يصل عددها نحو 70 غارة يوميا بداية من 11 صباحا الى غاية 3 بعد الزوال حيث استهدفت هذه الغارات مدرسة بحر البقر لتكوين الضباط وثكنة ابوزعبل كما استهدف سلاح الجو الاسرائيلي مناطق تواجد الجزائريين حيث خلفت الغارات الجوية استشهاد 11 جزائريا وإصابة العشرات بجروح خطيرة بعدما استعمل الاسرائيليون قنابل النبالم.
وبالنظر لهذه المستجدات الميدانية التي رجحت كفة العدو الاسرائيلي، يقول الرقيب الأول إن القيادة الجزائرية على جبهة القتال أعطت أوامرها بخرق قرار وقف النار لمدة ثلاثة أيام الذي اقترحته القوات الاسرائيلية وذلك بالتزامن مع عيد الأضحى المبارك. وجاء قرار خرق توقيف الحرب من طرف القيادة الجزائرية بعد التحفظات بشأن عدم احترام الاسرائيليين لهذا القرار.
وهو ما تحقق على أرض الميدان بعدما شرع الطيران الحربي الاسرائيلي في قنْبلة المواقع. لكن القوات الجزائرية تفطنت لهذه المؤامرة الأمريكية والاسرائيلية وجنبت وحداتها خسائر في الأرواح والعتاد بفضل اعتماد خطة التحرك وتغيير المواقع.
وقد لعب جهاز راديو أو مذياع من نوع فيليبس كان بحوزة الرقيب الاول عبد الله بوعبسة دورا أساسيا في كشف الخطط الحربية للعدو من خلال التصنت لأجهزة راديو العدو سواء لسلاح الجو أو المدرعات من خلال تداخل الموجات، حيث كان الرقيب الاول رفقة قيادات الجيش الجزائري يفككون شفرات ورموز الاتصالات بين مختلف وحدات جيش العدو.
كما تمكن الجزائريون من فك الخناق والحصار عليهم وإحراز تقدم كبير على جبهات القتال بعدما توصلت قيادات الجيش الجزائري إلى إقناع نظرائهم المصريين بضرورة إخلاء جبهات القتال من الجيش المصري حيث تقلصت بعد هذا التعاون أهداف سلاح الجو الاسرائيلي.
وهو ما اعتبرته القيادة المصرية برئاسة جمال عبد الناصر بمثابة انتصار حيث نظم عبد الناصر زيارة ميدانية لمواقع تواجد الجيش الجزائري حيث كان للرقيب الاول بوعبسة شرف لقاء جمال عبد الناصر وتبادل معه التحية كما أهداه الزعيم صورته الشخصية بعدما تعذر عليه اخذ صورة تذكارية ولا يزال عمي بوعبسة يحتفظ بهذه الصورة.
كما خصتهم الفنانة الراحلة ام كلثوم بتكريم خاص وبعثت لهم بقطعة من الحلوة تزن 100 كلغ كعربون عرفان ببطولة الجيش الجزائري خاصة في أعقاب نجاح مهمة حماية مواقع أجهزة الردار عالية التقنية والتي كانت هدفا لغارات العدو..
وبخصوص حرب أكتوبر 1973، يؤكد عبسة أن تدخل اللواء الثامن الجزائري الذي كان يضم 14 وحدة ونحو 6 آلاف محارب تحت قيادة عبد المالك ڤنايزية في شهر نوفمبر 1973، كان بمثابة طوق نجاة بالنسبة للمصريين والعرب على حد سواء، جنبهم سقوط المزيد من الأراضي تحت قبضة الجيش الإسرائيلي بعدما تولى اللواء الثامن مهمة غلق الفجوة الممتدة على مسافة 100 كلم والتي تربط قناة السويس بالقاهرة غربا حيث شكلت هذه الفجوة نقطة ارتكاز بالنسبة للطيران الحربي الإسرائيلي لبسط سيطرته على القاهرة بعدما ضعُفت القدرات القتالية للجيش الأول والثاني المصري.
ويروي الرقيب الأول في سلاح المدفعية في صفوف الجيش الجزائري رفقة ثلاثة من رفقاء دربه، شاركوا بدورهم في حروب العرب على أرض الكنانة ضد العدو الاسرائيلي وحلفائه على امتداد سنوات جبهة المواجهة، سنوات 67-68-69-70 و 1973، برؤية "الخبير الاستراتيجي" بلغة الاشقاء في مصر، حيث يربط تطورات الحرب على الأرض بالمستجدات الجيوستراتيجية في المنطقة على اعتبار أن تدخل اللواء الثامن للجيش الجزائري بقيادة القائد عبد المالك ڤنايزية على جبهة المواجهة على بُعد 100 كلم غرب القاهرة في شهر نوفمبر 1973، شكل منعرجا حاسما في تراجع زحف القوات الاسرائيلية نحو الطريق المؤدي إلى القاهرة حيث سدّته القوات الجزائرية ومنعت الاسرائيليين من التقدّم، الأمر الذي أعطى فرصة للسلطات المصرية وقتها لترتيب أوراقها التفاوضية من خلال استعادة قوة جيوشها.
رحلة اللواء الثامن الذي كان يضم في صفوفه 14 وحدة من مختلف فصائل القتال، استغرقت 18 يوما مرورا بالتراب التونسي ثم الليبي الى غاية بلوغ مشارف سيناء على مسافة 4045 كلم. يقول الرقيب الأول، إن رحلة اللواء الثامن الذي كان يضم في صفوفه 14 وحدة من مختلف فصائل القتال، استغرقت 18 يوما مرورا بالتراب التونسي ثم الليبي الى غاية بلوغ مشارف سيناء على مسافة 4045 كلم. في هذه الاثناء كانت أبرز المحافظات قد شهدت دمارا وخرابا لا مثيل له بفعل غارات الطيران الاسرائيلي حيث وجدنا القاهرة والاسكندرية ومحافظات أخرى تحت الظلام ناهيك عن وضعية الفوضى والارتباك التي دبَّت في صفوف الجيش المصري حيث وقفنا على مقابر من المعدات الحربية.
وقد تمثلت مهمة اللواء الثامن في التمركز على مستوى مرتفعات جبل عبيد بهدف مراقبة خطط الجيش الاسرائيلي بعدما سرب جاسوس روسي معلومات عن خطة استغلال الجيش الاسرائيلي لفجوة تمتد على مسافة 100 كلم كانت بمثابة ثغرة تركها الجيش الاول والثاني المصري تحت تأثير الضربات الجوية الاسرائيلية، الأمر الذي صعَّب من مهمة تحديد الاهداف بدقة في ضوء فوضى الدمار، وحذر الجاسوس الروسي من أن هذه الثغرة قد يستغلها الاسرائيليون للسيطرة على القاهرة.
غير أن تمركز الجيش الجزائري على مرتفعات جبل عبيد غلق المنافذ المؤدية الى القاهرة سواء تعلق الأمر بالمنافذ البرية أو البحرية أو الجوية من خلال تكثيف عمليات الاستطلاع والمراقبة التي باشرتها قوات الجيش الجزائري خاصة على مستوى خط بارليف الذي كان بمثابة الحصن المنيع الذي كان يحتمي خلفه الاسرائيليون حيث يتشكل هذا الخط من مناطق زرع الألغام وخنادق لعبور الدبابات وأخرى لاختباء الجنود فضلا عن مسالك تؤدي مباشرة إلى الأودية.
ويتذكر الرقيب الأول عبد الله بوعبسة، أن تواجد الجيش الجزائري مرابضا بتلك المناطق سرعان ما أفشل خطط الجيش الاسرائيلي وأصبحنا نسيطر على منطقة انتشار تتربع على مسافة 300 كلم ما دفع بالقوات البرية الاسرائيلية إلى التراجع الى الخلف؛ الوضع الذي استغله الجزائريون للعمل على تدمير الألغام وكذا الاطلاع عن قرب على الخطط الحربية للعدو الاسرائيلي.
وهنا يؤكد الرقيب الأول أن خطط الجيش الاسرائيلي تشبه إلى حد كبير خططنا خاصة على مستوى حفر الخنادق ذات المنعرجات بينما يعتمد الجيش المصري على الخنادق المستقيمة الى جانب نقاط تجمّع الجنود والتي تعتمد على مجموعات محدودة العدد عكس الجيش المصري الذي يعتمد على تجميع جنوده بأعداد كبيرة.
وبعد قرار توقيف الحرب سنة 1974 انضم الجيش الجزائري الى مناورة كبيرة بطلب من الجيش المصري كانت بمثابة اعتراف من السلطات المصرية بالدور الكبير الذي لعبه اللواء الثامن في غلق طريق القاهرة أمام الإسرائيليين.
|